![]() |
قراءة نقدية لكتابي رسائل أستاذ |
أخي العزيز الأستاذ ياسر،
أود أن أشكرك على إهدائك لي نسخة من كتابك (رسائل أستاذ) في نسخته الأولى.
لقد اطلعت على تجربتك الرائعة في الكتابة وقد لمست من خلال قراءة النصوص أنها تعبر بصدق عن شغف وحب حقيقيين يتجاوزا أحيانًا حدود الواقع؛ حيث وجدتك تحلق بعيدًا في فضاءتت النقاء وصدق المشاعر بلا قيود ولا حدود.
إنها بحق تجربةٌ متميزة تجمع بين بساطة المفردة المستخدمة وقوة تأثيرها حيث تترك نصوصك التي تتسم بالعفوية ومباشرة الطرح تأثيرها في القارئ حيث يجد التدرج في الموضوعات على مستوى ترتيب النصوص وكذلك التدرج في طرح الفكرة واستيعابها بلا معاناة.
كذلك لاحظت ارتباطك القوي بالبيئة والطبيعة، حيث أنك توظف الزمان والمكان في حبكة وموضوع النص بأسلوب سردي توظف فيه كل ذلك بأسلوب حواري رائع يأخذ معك القارئ ليحلق معك في تلك الفضاءات التي تبدأ بدايات متواضعة وتنضج تدريجيًا مع تمرحل النص حتى يصل للتعمق في الفكره فمثلًا، لاحظت في الرسالة الرابعة عشر بعنوان [إليكَ يا أنا...] أن النص يتدرج بإنسيابية حتى يصل لمرحلة الذوبان في ذات الآخر حيث تتكاثف المشاعر تجاه مخاطبة (الآخر) بمنتهى الوجد والهيام الذي يعبر عن ذلك الذوبان حينما تختم النص بقولك:
أنتِ أنا...
وأنا أنتِ...!
مقاربةٌ وجدتها تشبه إلى حدٍ كبير التعبير العميق عن صدق المشاعر بنفس أسلوب الكاتبة الآيرلندية إيميلي برونتي في روايتها [مرتفعات وذرنغ] حينما كتبت على لسان تلك الفتاه التي تخاطب نيلي Nelly وهي في أعلى درجات الوجد والهيام لتعبر عن تجربة حب مكثفة تتجاوز حدود المألوف حينما تقول:
"Nelly, I am Heathcliff...!
He's always in my mind: not as a pleasure, anymore than I am always a pleasure to myself, but as my own being.
If you ever looked at me once, with what I know is in you, I would be your slave."
وجدتك أستاذ ياسر تنتقل إلى تلك المرحلة من تكاتف الأحاسيس والمشاعر بسردية رغم بساطتها، إلا أنها تعبر بعمق فلسفي يدركه الذي يتأمل النص بتؤده.
بشكلٍ عام، شعرت أن أسلوب الرسائل يجمع بين النثر والسرد الجميل بشاعريةٍ وبساطة تتيح للقارئ طيفًا واسعًا لّلِحاق بك وأنت توظف النص من فكرة بسيطة ليتابعك وأنت تصعد إلى متعرجات شاعرية بقافية مموسقة أحيانًا، ثم تتركه ليتهادى في هبوط حر من خلال بساطة النص لتتركه وكأنه في أرض سهلية ليلتقط أنفاسه لتمنحه مساحات لرؤية الأشياء على مدى أكبر، وهذا ما أعجبني في أنك تترك للقارئ حرية التجول في نصوصك ليكتشف مكان الروعة فيها ويقرر وحده دون الاعتماد عليك.
أيضًا، مما لفت نظري عندما أتأمل نصوصك أجدها تتعامل مع الواقع ببساطة فيها نوع من التمرد على قيود الطرق التقليدية في النص الشعري والنثري.
الأسلوب السردي والحوار مع الأشياء رغم بساطته، إلا أنه يتيح مجال أكبر للتأمل في النص والغوص في ما وراء التركيب الظاهري لتوظيف اللغة.
أستطيع أن أقول إن تجربتك في الكتابة رغم حداثتها وتواضعها، إلا أنها تكشف بصدق عن تجربة إنسان يحاول سبر غور الأشياء بأسلوب صامويل بيكيت في مسرح العبث لتنقل رسائلك القصيرة تلك التأملات بطريقة تجمع بين بساطة الفكرة واللغة التي تمتزج بكثافة المشاعر.
لك كل الامتنان والتقدير في إتاحة الفرصة لي لتقديم رؤيتي النقدية لهذا العمل والاطلاع على هذه التجربة.
الأستاذ/ عثمان حماد الطريح
المحاضر بمعهد الهيئة الملكية للغة الإنجليزية والسنة التحضيرية / كلية الجبيل الصناعية.
9/4/2025
0 comments:
إرسال تعليق